يبدو أننا لم نكن مجانبين للصواب حينما أكدنا على أن شيئا ما ليس على ما يرام، في موضوع مباراة الوداد الرياضي المغربي وكايزر شيفز الجنوب إفريقي، وأن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، تتعاطى مع هذا الموضوع بطريقة غامضة وعشوائية، تفتقد بالأساس لمبدأ المقاربة التشاركية في تدبيره والبحث عن خيارات وبدائل لإقامة المباراة في تاريخ جديد، بالتراضي بين الطرفين الأساسيين، الوداد وكايزر شيفز، وأن تتعامل مع الموضوع ببعد نظر، وتتفادى أي مقاربة سطحية وعقيمة، خاصة أن الوداد سيكون مطالبا بمواجهة كايزر شيفز في جنوب إفريقيا، بينما لا أحد بمقدوره، أن يؤكد، إلى حد الآن، ما إذا كانت السلطات الحكومية المغربية المختصة، ستسمح لبعثة الوداد بالسفر إلى هناك، أم سترفض؟؟!!.
ما كانت تتملص وتتهرب منه لجنة المسابقات بالكاف، سقطت فيه، وهو تأجيل المباراة إلى أجل غير مسمى، بعد رفض كايزر شيفز، إجراء المباراة في التاريخ الجديد، وهو التاسع عشر (19) من فبراير 2021، بعد إعلان الاتحاد المصري “عن استعداده لاستضافتها في ملعب السلام بالقاهرة”، في أحد أيام الفترة الممتدة من 16 إلى 20 فبراير.
هذا الرفض دفع الكاف إلى اختيار موعد جديد للمباراة وهو الثامن والعشرين (28) من الشهر الجاري، في نفس المكان، وهو ملعب “السلام” بالعاصمة المصرية، وأخبرت بذلك الفريقين المغربي والجنوب إفريقي، ليشرعا في الترتيب للموعد الجديد الذي تم الاستقرار عليه،
لكن ما هي إلا ساعات معدودة، حتى نزل الخبر اليقين والصادم، والذي يقول إن “الاتحاد المصري يعتذر عن استضافة المباراة في تاريخ مغاير”، بعد الذي تم الاتفاق عليه مسبقا، وهو ال19 من فبراير، معللا قراره ب”عدم مواءمة الموعد الجديد والظروف المحيطة بالمباراة مع الارتباطات الراهنة”!.
لا أحد بإمكانه أن يلوم الاتحاد المصري على قراره، لأنه قام بواجبه في التعبير عن استعداده لاستضافة المباراة وفقا للتاريخ المقترح عليه سلفا، وبالتالي لابد من تفهم موقفه، والأسباب التي أملته!!.
لقد سبق للوداد أن طلب من الكاف تأجيل المباراة، بناء على مراسلة رسمية مع مطلع شهر فبراير، إلا أن الكاف ركبت رأسها بشكل متعنت، معلنة رفض مطلب التأجيل في ردها على مراسلة الوداد!.
وها هي اليوم، تتخذ الخطوة التي كان عليها أن تتخذها منذ أكثر من عشرة أيام، وتقرر في النهاية تأجيل المباراة إلى تاريخ مبني للمجهول، بعد أن أعادت برمجتها مرتين متتاليتين!!.
إنه العبث الذي وجد التربة الملائمة لينمو و”يزدهر” ويزداد شراسة، داخل أروقة الكاف، في غياب مقاربات تشاركية موضوعية وجادة، وإجراءات استباقية لمعالجة المشاكل التي يمكن أن تصادف إجراء مباراة تطاردها لعنة السلالة الجديدة لفيروس كوفيد – 19.
الكاف تستفرد بكل الشيء، حتى بالتفكير نيابة عن الأطراف المعنية بشكل مباشر بالمباراة، ودون استحضار لمصالحها الحيوية والتزاماتها.
فلو أنها اعتمدت المقاربة التشاركية مع الفريق الجنوب إفريقي، في اختيار تاريخ 19 “فبراير، لما وجدت نفسها مجبرة على الرضوخ للأمر الواقع، وتحديد موعد جديد.
والطامة الكبرى أنها بقيت وفية لمقاربتها الغامضة والعمياء، حتى في علاقتها بالاتحاد المصري، إذ بدل أن تتشاور وتنسق معه في الموعد البديل (28 فبراير)، راحت تفصل كل شيء على مقاسها، وتتخذ ما يحلو لها دون أن تفاتحه في هذا الموعد، وتتوصل في شأنه بمراسلة رسمية، تؤكد موافقة الاتحاد المصري على تغيير موعد المباراة من 19 إلى 28 فبراير الجاري!!.
لقد ضاع وقت ثمين، بسبب سلوك التعنت، ورفض آليات التشاور والتنسيق مع الوداد وكايزر شيفز، وعدم الاستعداد للسيناريوهات المحتملة، والبحث عن خيارات أخرى لإجراء المباراة في حال ظهور مستجدات تقوض جهود أحد الخيارات المعول عليها.
وبسبب هذا الموقف، يجد الوداد نفسه اليوم في مأزق حقيقي، لترتيب باقي مواعيده والتزاماته الداخلية والخارجية، ولا أحد بإمكانه أن يجزم بأن الوداد ومعه كايزر شيفز، سينجوان من “مقصلة” خسارة محتملة على الورق لمباراتي الذهاب والإياب في إطار منافسات دور المجموعات لدوري أبطال إفريقيا.
الحسابات تشابكت وتعقدت بسبب نزوعات الكاف نحو العناد والتعاطي العشوائي والغامض مع مباراة رياضية لا تستحق كل هذا العبث!!.
بقلم: عبد اللطيف متوكل