
احتضنت مدينة فاس لقاء جهوياً بارزاً جمع مختلف الفاعلين في القطاع الرياضي حيث شكل مناسبة لتسليط الضوء على الأدوار المتنامية للرياضة في إشعاع المملكة وتعزيز القيم والمبادئ الوطنية وسط دعوات لتكريس ثقافة التشجيع الحضاري وتوحيد الجهود من أجل نموذج رياضي متميز
وحضر الاجتماع الذي نظمته وزارة الداخلية كلا من والي جهة فاس مكناس معاذ الجامعي ورئيس جهة فاس مكناس ورئيس جامعة القرويين ورئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله ومدير الاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة فاس مكناس فؤاد الرواضي وممثلي المحاكم والمصالح الامنية
في كلمة مؤثرة أكد والي جهة فاس مكناس السيد معاذ الجامعي أن الكرة المغربية أصبحت تحظى بإشعاع كبير بفضل الأداء البطولي للمنتخب الوطني والدور المشرف الذي لعبته الجماهير المغربية خلال كأس العالم بقطر
وشدد الوالي على ضرورة ترسيخ ثقافة التشجيع الرياضي، مستحضراً المناظرة الوطنية التي ترأسها جلالة الملك محمد السادس بمدينة الصخيرات والتي وضعت الرياضة ضمن أولويات التنمية البشرية
كما تطرق الوالي إلى تجربته الشخصية في متابعة مباريات كرة القدم، مسترجعا ذكرياته في ملعب الحسن الثاني ومشيرا إلى أن من أصعب القرارات التي يضطر أحيانا لاتخاذها هو منع الجماهير من الحضور لما في ذلك من تأثير على الروح الرياضية.
وأكد والي الجهة أن المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي بل يجب العمل على تحسيس المشجعين بمسؤولياتهم، وتقريبهم من القوانين المنظمة للقطاع، مشددا على الدور الأساسي الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني من خلال الندوات التحسيسية والحملات الإعلامية لضمان استدامة الأمن الرياضي ونشر ثقافة التشجيع الحضاري
من جهته، أبرز رئيس مجلس جهة فاس مكناس أن العمل التشاركي بين جميع المتدخلين هو الحل الوحيد لإنجاح المسابقات الرياضية التي تستضيفها المملكة وأكد أن الجهة تضطلع بدور ريادي في النهوض بالرياضة باعتبارها رافعة لبناء المواطن وتعزيز التنمية
وأشار إلى أن اهتمام مجلس الجهة بالقطاع الرياضي يتجسد من خلال مبادرات عملية من بينها تنظيم يوم دراسي خاص بالرياضة سنة 2018، حضرته الجامعات الرياضية واللجنة الأولمبية وكان محطة فارقة لتبادل الرؤى والتصورات ترجمت لاحقاً إلى دعم مالي ملموس للقطاع.
وشدد رئيس الجهة على أن توحيد الرؤى بين السلطات والمجالس المنتخبة والمجتمع المدني والهيئات الرياضية كفيل بترسيخ نموذج رياضي متميز يجعل من جهة فاس مكناس نموذجا يحتذى به وطنياً.
هذا وأكد المشاركون أن المرحلة المقبلة ستعرف توسيع شبكة ملاعب القرب خصوصاً في الأحياء الشعبية إلى جانب مواصلة الجهود لتأطير الشباب وتعزيز البنيات التحتية، في إطار رؤية متكاملة
بعد ذلك تم التطرق الى الورش الخاصة بالمناظرة حيث تناول الورش الاول موضوع “دور الجماهير في تكريس المكانة الريادية لكرة القدم المغربية”، فيما خصص الورش الثاني الى موضوع “أمن المباريات والتشجيع الرياضي نحو رؤية مشتركة”.
وأسفرت المناظرة الجهوية حول التشجيع الرياضي عن جملة من التوصيات أهمها الاعتراف بدور الجماهير باعتبارها شريك في تطوير المنظومة الكروية، و داعما معنويا وماديا، إضافة إلى مساهمتها في إشعاع الرياضة المغربية. وإشراك ممثلي الفصائل المساندة وجمعيات المشجعين والمجتمع المدني في اللجان المحلية المعنية بالتنظيم الرياضي.
وجاء في التوصيات ضرورة تحسين البنيات التحتية و تخصيص مرافق خاصة بالعائلات، وتوفير فضاءات ملائمة تحترم سلامة وراحة المتفرج، مع ضمان التكافؤ المجالي بين الجهات.وأكدت المناظرة على ضرورة إطلاق برامج توعوية وتثقيفية تتضمن محاور قانونية وحقوقية وتربوية، تنفذ داخل المؤسسات التعليمية ودور الشباب، والفضاءات الثقافية لفائدة الجماهير.ومن التوصيات أيضا الإتجاه للاستثمار في التكنولوجيا والرقمنة، من خلال تطبيقات رقمية لتسهيل إقتناء التذاكر ومراقبة الولوج بتوظيف كاميرات ذكية لضمان سلامة المنشآت الرياضية ومرتاديها.
وشملت التوصيات تنظيم دورات تكوينية لموظفي الأمن الخاص و ساهرين على تنظيم المباريات داخل النادي، وتدريبهم على مهارات التواصل والاستجابة للحالات الطارئة، مع الحرص على ارتداء بذلة موحدة. وضرورة تفعيل شراكات مؤسساتية ومجتمعية تشمل الأندية الرياضية وروابط المشجعين والسلطات المحلية والقطاع الخاص ووسائل الإعلام.
وعلى مستوى التكوين، شددت التوصيات على أهمية تمكين مؤسسات التعليم العالي ومعاهد الرياضة من لعب دور فاعل في التأطير، خصوصا معهد علوم الرياضة و مراكز التكوين الجهوية، وفي الجانب الثقافي دعت إلى إدماج ثقافة التشجيع الرياضي الإيجابي في مناهج التعليم والإعلام.
وجاء أيضا في التوصيات إعادة الاعتبار للمسابقات الجهوية في الرياضة المدرسية، كآلية لتأطير الشباب وتعزيز انخراطهم في دينامية رياضية متزنة. ودعم الحكامة والديمقراطية داخل جمعيات المشجعين، وتمكينها من الوسائل الضرورية للاضطلاع بأدوارها التأطيرية والاجتماعية والثقافية، مع تكريم قدماء المشجعين اعترافا لمساهمتهم في دعم الرياضة الوطنية.
وشدد والي جهة فاس مكناس، معاذ الجامعي، في كلمته الختامية أن توصيات المناظرة ستشكل أساس المناظرات الجهوية والوطنية المقبلة، ودعوة صريحة للانفتاح على اللغات العالمية، مؤكدا أن التكوين في اللغات يجب أن يبدأ من الآن، لما له من أهمية في تعزيز التواصل والانفتاح الرياضي على المستوى الدولي.
كما اقترح الجامعي باستغلال التحول الرقمي الذي يشهده العالم كألية يمكن تفعيلها، من خلال تطبيق إجراءات ردعية في حق مرتكبي أعمال العنف داخل الملاعب، ومنعهم حضور المباريات لفترات محددة، في حال ثبوت تورطهم، أو إلزامهم بتسجيل حضورهم في دوائرهم الأمنية خلال توقيت المباراة.
وختم في كلمته أن “الألتراس لا تخيفني، بل أعتبرها شريكا في العمل”،
و للإشارة فإن وزارة الداخلية تدشن، من خلال هذه المناظرة، سلسلة من اللقاءات الجهوية، بهدف مناقشة قضايا ذات صلة بالرياضة، خاصة ونحن مقبلون على أنشطة رياضية كبرى في السنوات المقبلة.